|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
|
صوفيات |
طرق صوفية :: الأوراد :: الحضرة :: الذكر :: السبحة :: أولياء الله |
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
أصل الطرق الصوفية |
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
اعلم يا أخى أن الله تعالى لما أمر عباده أن يدعوه - أى يذكروه - بأسمائه الحسنى طلب الكثير من الصحابة من حضرة النبى أن يتعلموا كيف يكون الذكر بالأسماء الحسنى والأعداد التى يذكرونها؟ فأبان لهم أن أفضل الذكر إمّا أن يكون باسم الذات وهو (الله) أو باسم النفى والاثبات وهو (لا إله الا الله) وإمّا أن يكون سرًا أو جهرًا، أو يكون جامعًا لكلتا الحالتين كما قال تعالى ﴿واذكر ربك فى نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول﴾ وبيّن الذكر السر فى قوله الشريف عن سعد بن مالك قال: قال رسول (خير الذكر الخفى وخير الرزق ما يكفى). ويوم يجمع الله الخلائق لحسابهم وتأتى الحفظة بما حفظوا وكتبوا، يقول الله لهم: انظروا هل بقى له من شئ؟ فيقولون: ربنا ما تركنا شيئًا مما علمناه وحفظناه إلا وقد أحصيناه وكتبناه، فيقول الله تبارك وتعالى له: إن لك عندى خبيئًا لا تعلمه وأنا أجزيك به، وهو الذكر الخفى. فاختار الصديق الأكبر أن يعلِّمه رسول الله الذكر الخفى والذكر الجهرى، فلقنه رســول الله (اسم الذات) بالسر وهو (الله) واسم النفى والاثبات بالجهر وهو (لا إله الا الله) فدأب عليهما ليكون جامعًا بين السر والجهر، والظاهر والباطن، والحقيقة والشريعة، والقول والفعل، فكان من اخلاصه وشدة مراقبته أن احترق كبده وقد اشتهر عنه أنه كان يشم من نفسه رائحة الكبد المشوى، وشُهر من وصفه الذاتى ما رُوى فى مجمع الزوائد عن السيدة عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: كان غزير الدمعة وقيد الجوانح - أى محزون القلب - كأن الحزن قد كسره وضعّفه، يُرى عليه الإنكسار وشدة الخوف من الله، شجى النشيد، يعنى أن من يسمعه وهو يقرأ يحزن لسماع قراءته لشدة اخلاصه. وقد قال (لا آمن مكر الله ولو احدى قدمى داخل الجنة) ... وقال أيضا عند سماعه الحديث الشريف (الصلاة فى أول الوقت فى رضوان الله وفى وسطه فى رحمة الله وفى آخر الوقت فى عفو الله) ... لأن أكون فى رضوان الله تعالى خير لى من أن أكون تحت عفو الله ... وهكذا كل من سلك على مبدئه، وشرب من مشربه رضى الله تعالى عنه كما قال تعالى ﴿وآخرين منهم لم يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء﴾. وممن سار على درب الصديق وحاز هذا الفضل والفخار (السيد محمد بهاء الدين) الذى عُرف عنه أنه (نُقش) الاسم على قلبه، ولُقب كل من اتبعه (بالنقشبندية) وتفرعت وكثر فيها الأفاضل واشتهر فيها الحزم والعزم وإن أردت أن تعرفهم فاضلا عن فاضل فاتّبع أسانيدهم تجدها كسلسلة المحدثين والقراء. واعلم أن من مقتضيات حكم العليم الخبير سبحانه وتعالى أن جعل مقام أهل الإحسان أعلى المقامات وهم أهل الله تعالى وخاصته من خلقه، ولذا جعل نشر مبادئهم على اثنين لا ثالث لهما بين جميع المسلمين على الاطلاق، وهم (الصديقية) الذين أصلهم سيدنا أبى بكر الصديق ، و(الخلوتية) الذين أصلهم الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه .. هذا وإن كان أعطى العهد لكثير من الصحابة كسيدنا أنس بن مالك خادم رسول الله وسيدنا عبد الله بن مسعود وسيدنا سلمان الفارسى وسيدنا أبى هريرة وسيدنا حذيفة بن اليمان، وغيرهم ... لو استقصيناه لضاق بنا المقام. ولكن لم يشتهر قديما وحديثا إلا ما كان لسيدنا الصديق وهم (النقشبندية) وما كان للإمام على كرم الله وجهه وهم (الخلوتية) وإن كان عن الإمام على كثرت الفروع بالنسبة لأولاده .. وكذا أخذ العهد عن السيدة زينب بنت الإمام على كرم الله وجهه السيدة شعوانة البصرية والسيدة ريحانة الحبشية والسيدة نفيسة المرضية وميمونة البدوية وعابدة الكردية، ومرجعهن جميعًا إلى الإمام على كرم الله وجهه، وهذا هو سبب العهد الذى لا يكون إلا عن الأشياخ العارفين .. ثم تعددت (الطرق) باشتهار الأفاضل البارزين فى كل عصر [كالرفاعية والقادرية والأحمدية والبرهانية والدسوقية والشاذلية والبيومية والإدريسية والتيجانية] ومرجع الجميع إلى الإمام على كرم الله وجهه وهى المشتهرة الآن (بالخلوية) وذلك بعد أن يخدم المريد جميع الأسماء ويذكرها ويعرف اشاراتها يُدخله الشيخ الخلوة .. والأسماء التى يذكر بها سبعة حسب مراتب النفس وهى معروفة عن مشائخ الطرق وقد دوّنها الأفاضل فىكتب معروفة، فراجعها إن شئت، وقد قال تعالى ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنت لاتعلمون﴾. وحيث أنك قد عرفت أن سيدنا رسول الله لقّن الصديق اسم الذات، ويذكره بالنَفَس سرًا، وبعدها يأخذ القلب يتحرك بحركة النَفَس، وبعدها يكون الذكر بالقلب، تحرك النَفَس أو لم يتحرك، كما هو معروف، وهذا هو أصل (الطريقة الصديقية النقشبندية). وأما أصل (الطريقة الخلوتية) وسندها ومصدرها فقد جاء فى مجمع الزوائد ما رواه الإمام أحمد والطبرانى وغيرهما، أن عليًا كرم الله وجهه سأل النبى فقال: دلّنى على أقرب الطرق إلى الله وأسهلها على عباده وأفضلها عند الله تعالى؟ فقال النبى : (أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلى لا إله إلا الله ولو أن السموات السبع والأراضين السبع فى كفة ولا إله إلا الله فى كفة لرجحت لا إله إلا الله) ثم قال النبى (يا على لاتقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله) فقال الإمام على كرم الله وجهه: كيف أذكر يا رسول الله؟ فقال النبى (غمّض عينيك واسمع عنى ثلاث مرات ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع، ثم قال النبى : لا إله إلا الله ثلاث مرات مغمضًا عينيه رافعًا صوته وعلى يسمع، ثم قال علي: لا إله إلا الله كذلك والنبى يسمع ) اهـ. ثم أنه علَّم الأمة المحمدية الإستغفار مئة مرةٍ فى اليوم والليلة بيانًا لقوله تعالى ﴿وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون﴾ ولازال فينا ، وفى قوله الشريف الذى يرويه البخارى وغيره (يا معشر الناس توبوا إلى الله فإنى أتوب إليه فى اليوم والليلة مائة مرة) فكان الإستغفار ضروريا ليكون كالطهارة للدخول على الذكر ثم الصلاة والسلام على رسول الله ليكون أدعى للقبول لما ورد فى ذلك من قوله الشريف (ثم صلّوا عليّ) ومن قوله (من صلى على عشرًا) .. ومن قوله (قولوا اللهم صلِ على محمد) الحديث الذى كان هو بيانا لقوله تعالى ﴿يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾ ثم الجد والإجتهاد فى القيام بالأعمال الشرعية وخاصة الصلوات فى أوقاتها، والبعد عن محارم الله عز وجل بالقدر الممكن للبشر ومصاحبة الصالحين والعلماء العاملين وحب الخير وتجنب أهل الفساد ... وهكذا من الوصايا التى يرويها الشيخ العارف لمريديه وأن يرشده إلى تلاوة القرآن وسماع العلم وأن يجد ويجتهد فى الدنيا لنيل الخير فى الآخرة وأن يتخلّق بالأخلاق الفاضلة وأن يتجنّب الرذيلة .. كل ذلك عند تلقين العهد. |
|
|||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||