أولياء الله الصالحين أعلى من
ذلك.
ومن يتعامل مع الجن ويستمتع بهم هم السحرة – أعاذنا الله منهم وعافانا.
أما أولياء الله فتخدمهم الملائكة لقربهم من الله ومداومتهم على ذكره، فالملائكة
تخدم كلمات الله وذكره وبالتالى فهم يخدمون الذاكرين المداومين على ذكره.
ويقول الحق سبحانه وتعالى: ﴿
إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا
وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون، نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم
فيها ما تشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون، نزلا من غفور رحيم﴾ -فصلت
30، 31، 32،
والاستقامة هى المداومة، ويقول الله سبحانه ايضا: ﴿ ألا إن أولياء الله لا خوف
عليهم ولا هم يحزنون﴾.
يقول ابن كثير: وقوله تبارك وتعالى: ﴿نحن أولياؤكم فى الحياة الدنيا وفى الآخرة﴾ أى
تقول الملائكة للمؤمنين عند الاحتضار: نحن كنا أولياءكم، أى قرناءكم فى الحياة
الدنيا، نسددكم ونوفقكم ونحفظكم بأمر اللّه، وكذلك نكون معكم فى الآخرة نؤنس
منكم الوحشة فى القبور، وعند النفخة فى الصور، ونؤمنكم يوم البعث والنشور، ﴿ولكم
فيها ما تشتهى أنفسكم﴾ أى فى الجنة من جميع ما تختارون مما تشتهيه النفوس وتقر به
العيون ﴿ولكم فيها ما تدعون﴾ أى مهما طلبتم وجدتم وحضر بين أيديكم كما اخترتم.
والمعنى المراد توصيله لك أن من يكون الملائكة قرناءه، فإنهم يسددون خطاه
ويخدمونه فيما يرضى الله ويحفظونه بأمر الله، فتجده مستجاب الدعوة.
ويقول الحق سبحانه وتعالى
أيضا: ﴿إن الذين قالوا ربنا اللَّه ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، أولئك
أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون﴾-
الأحقاف 13، 14.
ويقول الحق سبحانه وتعالى أيضا: ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾.
ومما سبق نرى أن الملائكة يسددون ويوفقون ويحفظون الأولياء فى الدنيا، والملائكة
أعلى من الجن وبالتالى فالأولياء أعلى من أن يكون تعاملهم بالسحر مع الجن.
ولكن نحب أن نعرف أولياء الله
أكثر من تفسير القرطبى "الجامع لأحكام القرآن" لأية ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف
عليهم ولا هم يحزنون﴾ -يونس 62:
وفى تفسير القرطبى لهذه الآية:
روى سعيد بن جبير أن رسول الله
سئل: من أولياء الله؟ فقال: (الذين يذكر الله برؤيتهم). -ابن
المبارك والحكيم الترمذي والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ-
وقال سيدنا عمر بن الخطاب فى هذه الآية: سمعت رسول الله
يقول: (إن من عباد الله عبادا ما هم بأنبياء ولا شهداء تغبطهم الأنبياء والشهداء
يوم القيامة لمكانهم من الله تعالى). قيل: يا رسول الله، خبرنا من هم وما أعمالهم
فلعلنا نحبهم. قال: (هم قوم تحابوا في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطون
بها فوالله إن وجوههم لنور وإنهم على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا
يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ ﴿ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون﴾.
وقال سيدنا على بن أبى طالب
:
أولياء الله قوم صفر الوجوه من السهر، عمش العيون من العبر، خمص البطون من الجوع،
يبس الشفاه من الذوى.
وقيل: ﴿ لا خوف عليهم﴾ فى ذريتهم، لأن الله يتولاهم. ﴿ولا هم يحزنون﴾ على دنياهم
لتعويض الله إياهم في أولاهم وأخراهم لأنه وليهم ومولاهم. |