-
من المقرر شرعًا أن إعفاء اللحية وعدم حلقها مأثور عن النبى صلى الله عليه وآله
وسلم، وقد كان يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها بما يحسنها بحيث تكون متناسبة مع
تقاسيم الوجه والهيئة العامة، وقد كان يعتنى بتنظيفها بغسلها بالماء وتخليلها
وتمشيطها.
وقد تابع الصحابة رضوان الله
عليهم الرسول عليه الصلاة والسلام فيما كان يفعله وما يختاره.
وقد وردت أحاديث نبوية شريفة
ترغب فى الإبقاء على اللحية والعناية بنظافتها، كالأحاديث المرغبة فى السواك وقص
الأظافر والشارب: فحمل بعض الفقهاء هذه الأحاديث على الوجوب وعليه يكون حلق اللحية
حرامًا، بينما ذهب بعضهم الآخر إلى أن الأمر الوارد فى الأحاديث ليس للوجوب بل هو
للندب وعليه يكون إعفاء اللحية سنة يُثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.
- أما
دليل من
قال
بأن حلق اللحية حرام فهو الأحاديث الخاصة بالأمر بإعفاء اللحية مخالفة للمجوس
والمشركين.
وروى الإمام مسلم عن عائشة
عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ
الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ،
وَقَصُّ الأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَحَلْقُ
الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ) قَالَ بعض الرواة: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ
إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.
-
ويقول
أصحاب الرأى الآخر وهم الشافعية: إن الأوامر المتعلقة بالعادات والأكل والشرب
واللبس والجلوس والهيئة ... إلخ، تحمل على الندب لقرينة تعلقها بهذه الجهات، ومثلوا
ذلك بالأمر بالخضاب والصلاة فى النعلين ونحو ذلك. كما أفاد ابن حجر العسقلانى فى
فتح البارى.
-
قلنا:
أن موضوع
إطلاق
اللحية فى الزمن الحالى لا يمكن أن يحمل على مخالفة المجوس أو الغرب حيث تغيرت
عاداتهم بل أصبحت اللحية من سمات الوجوديين والخوارج والقساوسة والرهبان ولم تعد
تمييز المؤمنين أو حتى المسلمين، ويشاركها فى هذه الصفة الملابس حيث أصبحت تختلف
حاليا عما كانت عليه أيام المصطفى
،
كما تغيرت أيضا الركوبات فظهرت العربات والمساكن المبنية فوق الأرض أو تحت الأرض
والطائرات والغوصات، وحيث أن الأحاديث الدالة عليها من أوامر العادات كما بينت
الشافعية فالأولى حملها على الندب، فعندما يختلف الفقهاء بين الجواز وعدمه فى مسألة
حلق اللحية، يكون الخروج من الخلاف مستحب ولا يكون ذلك إلا باتباع من أجاز (من أجاز
الإطلاق أو الحلق). |