الغيب هو كل ما يغيب عنك، وهو درجات ومراتب.
والغيب: لله سبحانه وتعالى
ومنحه للنبى
فقال ﴿عالم الغيب فلا يظهر
على غيبه أحدا الا من ارتضى من رسول﴾. ومن يكون أكثر ارتضاء منه
. لذلك لم يخفى الغيب على
الحبيب المصطفى
الذى يقول ربه عز وجل فى
كتابه ﴿وماهو على الغيب بضنين﴾ فقد أخبره به علام الغيوب فأورد لنا الأحاديث التى
تنجى الأمة من الفتن والإختلاف والتناحر.
والغيب مراتب فهناك غيب يعلمه الأنبياء وغيب تعلمه الملائكة وغيب يعلمه عامة الناس
فالذى يحويه بيتى غيب على غيرى والذى يحويه جيبى غيب على غيرى ومايدور بخلد إنسان
ما غيب على الآخرين.
والغريب أن البعض ينكر الغيب
على رسول الله
وحجتهم فى ذلك قوله
تعالى
﴿قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من
الخير﴾ الأعراف.
فالغيب فى هذه الآية هو غيب الذات الإلهية الذى لايعلمه أحد إلا الله.
ولوكان الغيب فى هذه الآية
مطلق لكل الغيوب لما تنبأ النبى
بمقتل
الإمام
على ولا استشهاد
الإمام
الحسين، ولا تنبأ سيدنا آدم
بما لاتعرفه الملائكة، ولاتنبأ سيدنا يعقوب
بما يفعله أبناؤه بسيدنا يوسف
،
ولا تنبأ بوجود سيدنا يوسف
عندما فصلت العير، ولا تنبأ سيدنا يوسف
بطعام أصحابه فى السجن، ولا تنبأت الملائكة بما سيحدث فى الأرض.
علمه
بمقتل
الامام
على
:
أخرج
الامام
أحمد
بسند
صحيح
عن
عمار بن
ياسر
أن
النبى
صلى
الله
عليه وآله
وسلم
قال:
(ياعلى
إن
أشقى
الناس
رجلان
أحيمر ثمود
الذى
عقر
الناقة
والذى
يضربك
على
هذه
-
يعنى
قرنه - حتى
يبل
منه
هذه - يعنى لحيته).
وقد
ورد
ذلك
من
حديث
على
وصهيب
وجابر
بن
شمرة
وغيرهم.
علمه
باستشهاد
الامام
الحسين:
أخرج
أبويعلى
عن
عائشة
قالت
:
رأيت
النبى
صلى
الله عليه
وآله
وسلم
التزم
عليا
ويقول
له: (ياأبا
الوحيد
الشهيد
يا
أبا
الوحيد
الشهيد).
وهذا إخبار بشهادته
وحيدا بعد قتل كل من معه.
وصدق رسول الله
حيث قال (هل ترون قبلتى هاهنا؟ فوالله مايخفى على ركوعكم ولا سجودكم إنى لأراكم من
وراء ظهرى). أخرجه الشيخان. فكيف يرانا من وراء ظهره إن لم يكن عنده علم الغيب.
وسبحانه وتعالى
يقول للملائكة ﴿أنبئونى بأسماء هؤلاء﴾ فقالت الملائكة ﴿لا علم لنا إلا ماعلمتنا﴾
إذن الملائكة تعلم أشياء وغابت عنها أشياء أخرى ثم قال لسيدنا آدم
﴿ياآدم أنبئهم بأسمائهم﴾ إذن علم سيدنا آدم بالغيب أعلى من علم الملائكة، ثم يقول
سبحانه ﴿ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السموات والأرض﴾.
وسيدنا يوسف
يتنبأ لصاحبى السجن بما سيأتيهما من طعام فيقول ﴿قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا
نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما، ذلكما مما علمنى ربى﴾ أى مما علمه ربه من علوم
الغيب.
استيقظ ابن عباس
مرة من نومه فاسترجع وقال: قتل الحسين والله وكان ذلك قبل قتله
فأنكره أصحابه. فقال: رأيت
رسول الله
ومعه زجاجة من دم فقال: ألا تعلم ماصنعت أمتى بعدى؟ قتلوا ابنى الحسين وهذا دمه ودم
أصحابه أرفعها إلى الله تعالى. فجاء الخبر بعد أربعة وعشرين يوما بقتله فى اليوم
الذى رآه.
هذا هو الصدق فى الرؤيا والكشف الغيبى العظيم لأهل البيت الأفاضل.
وهذا الخبر فى كتاب
إحياء علوم الدين - الجزء الرابع - باب المنامات.
ومن الغيب أيضا ما سماه النبى
والصحابة
بفراسة المؤمن، والتى قال فيها النبى
:
(اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله)، واذا أردنا أن نخوض فى ذلك فيلزمنا
العديد من المجلدات، ولكن إليك بعضها:
كان سيدنا عمر
يسير مع رسول الله
اذ قابلهما رجل فقال سيدنا عمر
للنبى
:
يا رسول الله، دعنى أضرب عنق هذا الرجل فانى أرى آثار الزنا بين عينيه. فقال رسول
الله
:
(أوحى بعد الرسل ياعمر؟) فقال سيدنا عمر
:
كلا يارسول الله انها فراسة مؤمن. فقال
:
(اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله).
وكان رسول الله
قد نزلت عليه آية أطوار الخلق وكان يتلوها فلما وصل
الى قوله تعالى: ﴿فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم
انشأناه خلقا آخر﴾ وقبل أن يكمل النبى
الآية, قال سيدنا عثمان بن عفان
:
فتبارك الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله
:
(أوحى بعد الرسول يا عثمان؟) فرد سيدنا عثمان
:
كلا يا رسول الله انها فراسة مؤمن. فقال
:
(اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله).
وروى عن سيدنا الامام على
انه لما سار بالجيش لفتح الكوفة ومر على أرض كربلاء وقف عندها وبكى وهو يقول للجيش:
هذا موطنهم، هذا مقيلهم، هذا موطن قتالهم، هذا موطن قتلهم، هذا موطن سباياهم. حتى
أبكى الجيش وكان يشير الى مقتل الامام الحسين وآل البيت الاطهار
بكربلاء وكأنه يرى ذلك بعينيه وقد حدث. وحدث مثل ذلك لكبار الصحابة وأجلاء المشايخ.
وكل هذا دليل على أن الله يمن بالغيب على من اصطفى من عباده. |