الأخ الفاضل
مرحبا مرة أخرى
يا سيدى الفاضل أنت تربط بين الفعل والفاعل والسابق بعلمه وقدرته، وهذه مسائل فلسفية سوف تعرقك ولا تسبر غورها، لأن العلم تابع للتقوى وليس للتعلم، يقول
الحق سبحانه: ﴿واتقوا الله ويعلمكم الله﴾.
ولكن انظر: هل يأخذ سيدنا عزرائيل الروح رغما عن أمر الله أم بأمره؟ وهل يرزق سيدنا ميكيائيل الناس والمخلوقات بغير أمر الله؟ فهكذا الأولياء لا يفعلون
شيئا إلا بأمر الله، وهم جميعا أقرب إليه منا حيث أنهم أولياءه ولذلك فهم يعرفون ما يريد، مثل قصة سيدنا الخضر ... وهم لا يفعلون ذلك لعجز فى قدرته سبحانه، ولكن هذه هى وظيفتهم، أى عملهم، أى ما كلفهم به الله.
أخى الفاضل يحسن بنا جميعا أن نشغل أنفسنا بما ينفعنا، ألا وهو تقوى الله وطاعته حيث يقول سبحانه: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾، فإذا ما عبدنا
الله وأخلصنا له العمل أسبغ علينا نعمه، كما يقول فى الحديث القدسى: {عبدى أطعنى تكن ربانيا تقول للشيئ كن فيكون}، فهل تظن أن الله يعنى بذلك إن العبد يتحول بالطاعة إلى إله جديد!!!... أم أنه يدخل فى جند الله (أولياءه) ويصبح من تابعيه وينفذ أوامره؟ هذا هو
ما نعنى بالتصريف، مثل جنود الشرطة يملكون السلطة ولكنهم يعملون فى ظل القانون، هكذا الأولياء يملكون السلطة ولكنهم يلتزمون بأوامر الله وتعاليمه، فلا يفعلون ما يخرج على تعاليمه.
سيدى الفاضل ...
بعض الناس يرى الأمور ببساطة، الله فى جهة والخلق فى جهة أخرى، وهذا الموضوع لا خطأ فيه ... وليس عليهم أن يجهدوا أنفسهم فى فهم ما لم يتهيأوا له، وهذه
الأمور ليس علينا جناح إن لم نفهمها أصلا، ما نحاسب عليه هو العبادة، سيدى إن فهم هذه الأمور رزق من الله، ومثلما فى المال يكون الرزق بالسبب وهو العمل، فى العلم يكون السبب التقوى، ولا يحاسبنا الله على رزقه لنا لماذا لم نُرزق غيره، ولكن يحاسبنا على فيما
ننفقه، وكذلك فإن علينا السعى وليس علينا بلوغ المراد. |