الأخ العزيز: ندعوك للاطلاع على الصفحات المذكورة أعلاه:
[كناب انتصار أولياء الرحمن 2 و
كتاب
انتصار أولياء الرحمن 3]
لتعرف أن النبى قد توسل به سيدنا آدم قبل ولادته وقد توسل به الصحابة بعد وفاته وقد توسل النبى بنفسه وبالأنبياء من
قبله إلى الله ليرحم السيدة فاطمة بنت أسد زوجة عمه أبى طالب التى تربى عندها وكان يدعوها أمه.
لا تعجل سيدى وتستدرج فهناك مسألة عقائدية يخشى على من لا يعتقد فبها أن يكون مكذبا لله ولرسوله :
فقد قال تعالى: ﴿فَإِذَا
اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، فقد أمر الله زسوله
أن يدعو للمؤمنين، وقال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ
ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً﴾ فكان الصحابة يأتون
رسول الله ويسألونه أن يستغفر لهم فكان يفعل، ثم أنه بعد انتقاله كانوا يأتون قبره ويسألوه
أن يستغفر لهم، روى أبو صادق عن على قال: قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر رسول الله وحثا على رأسه من ترابه؛ فقال: قلت يا رسول الله فسمعنا قولك، ووعيت عن الله
فوعينا عنك، وكان فيما أنزل الله عليك ﴿ولو
أنهم إذ ظلموا أنفسهم﴾ الآية، وقد ظلمت
نفسى وجئتك تستغفر لى. فنودي من القبر أنه قد غفر لك، وأخرج البيهقي عن أبي حرب الهلالي وجماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه [الشامل] الحكاية
المشهورة عن العتبي قال: كنت جالساً عند قبر النبي فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول اللّه، سمعت اللّه يقول: ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا
اللّه تواباً رحيما﴾ وقد جئتك مستغفراً لذنبى
مستشفعاً بك إلى ربى، ثم أنشأ يقول:
يا خير من دفنت بالقاع أعظمه * فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبرٍ أنت ساكنه * فيه العفاف وفيه الجود والكرم
ثم انصرف الأعرابى، فغلبتنى عينى
فرأيت النبى في النوم فقال: (يا عتبى إلحق الأعرابى فبشره أن الله قد غفر له).
فهل ترى أن صحابة رسول الله الذين شهدوا ذلك ورووه كانوا على ضلال أم أن
هذه الآية عطلت وأصبحت لا تصلح بعد انتقاله ؟
وقد قال : (حياتى خير لكم وموتى خير لكم، أما حياتى فأسن لكم السنن وأشرع لكم الشرائع. وأما موتى فإن أعمالكم تعرض على فما رأيت منها حسنا حمدت الله عليه، وما رأيت منها سيئا استغفرت الله
تعالى لكم)، أخرجه البزار من حديث عبد الله بن مسعود
ورجاله رجال الصحيح وكذلك روى نحوه سيدى جلال الدين السيوطى فى جامعه الصغير. فكيف ينفع الرسول المسلمين بعد وفاته وكيف لا يعلم الغيب وهو تعرض عليه أعمالنا؟
ثم هل تصح مناسك الحج بدون الصلاة ركعتين عند مقام سيدنا إبراهيم أو بغير زيارة مقام النبى ، فهل ترى ذلك مضيعة للوقت؟
وأخرج ابن حبان فى الضعفاء وابن عدى في الكامل والدارقطنى فى
العلل عن ابن عمر عن النبى
قال: (من حج ولم يزرني فقد جفانى). وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن خزيمة وابن عدي والدارقطنى والبيهقى عن ابن عمر قال: قال رسول الله : (من زار قبرى وجبت له شفاعتى). وأخرج
الطبرانى عن ابن عمر قال: قال رسول الله : (من جاءنى زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتى كان حقا على أن أكون له شفيعا يوم القيامة).
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والطبراني وابن عدي والدارقطنى والبيهقى في الشعب وابن عساكر عن ابن عمر قال: قال رسول الله : (من حج فزار قبرى بعد وفاتى كان كم زارنى في حياتى).
وعن ابن عمر عن النبى قال: (من حج فزار قبرى في مماتى كان كمن زارني فى حياتى) رواه
الطبرانى في الكبير والأوسط وفيه حفص بن أبي داود القارئ وثقه أحمد.
قال : (من زارنى بعد موتى فكأنما زارنى في حياتى، ومن مات بإحدى الحرمين بعث من الآمنين
يوم القيامة)، عن حاطب بن الحارث.
وأخرج البيهقى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : (ما من مسلم يسلم علي إلا رد الله علي
روحى حتى أرد عليه السلام).
وأخرج ابن أبى الدنيا والبيهقى عن منيب بن عبد الله بن أبى
أمامة قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبر النبى فوقف، فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح الصلاة، فسلم على النبى ثم انصرف.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقى
عن سليمان بن سحيم قال: رأيت النبى في النوم قلت: يا رسول
الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون عليك أتفقه سلامهم؟ قال: (نعم، وأرد عليهم).
وأخرج البيهقى
عن حاتم بن مروان قال: كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصدا إلى المدينة ليقرئ
عنه النبى السلام.
والخلاصة أن زيارة النبى بعد انتقاله لا
تختلف فى أى شيئ عنها فى حياته، فهو يسلم على من يسلم عليه ويستغفر لمن سأله الاستغفار ويجير من استجاره، بل هى أكثر من ذلك فهو تعرض عليه أعمالنا فيستغفر لنا ما ساء منها دون أن نسأله.
وقد توسل به الأنبياء من قبل مولده، وتوسل هو بالأنبياء من قبله، وتوسل
به أصحابه من بعده، وهو يعلم الغيب بما يعرض عليه من أعمالنا، وبما يطلعه عليه ربه الذى قربه واجتباه.
والأحاديث فى ذلك كثير فما ذكرنا إلا بعضها،
وهذا هو كلام الله وسنة رسوله ، والناس يخوفهم الشيطان من فتنة فيقعون فى فتنة أكبر بكثير، يخشون شرك الناس باعتقادهم فى نفع بعضهم لبعض مع أنه شيئ عادى
وطبيعى حيث تراهم جميعا الخاصة والعامة يعرفون أن الله هو الذى يمنح الأولياء ويسألونهم مما أعطاهم الله، ولا يوجد مسلم على وجه الأرض يعظم النبى بأن يجعله إلها كما فعل النصارى، فلما التعنت والتزمت، لقد قال في صحيح الحديث: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم وقولوا: عبدالله ورسوله)، فالذى يُخشى منه هو مافعلته النصارى أما ما دون ذلك فلا يؤدى إلى الشرك، ولم نؤمر أن نشق قلوب
الناس لنعرف ما فيها ما داموا يقولون [لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله]، كما أن الاستغاثة بالناس لا تغنى عن الاستغاثة بالله ولا تعتبر دعاء، وإلا اعتبرنا من الدعاء من يستغيث بالطبيب أو يطلب من أخيه كوب ماء، فالدعاء له شروط أهمها أن تعتقد الألوهية
فيمن تطلب منه، وبالطبع لن تجد أى مسلم يعتقد الألوهية فى النبى أو غيره، وكذلك اتخاذ القبور مساجد هو أن تسجد عليها وليس أن تزورها فقد كانت الأقوام السابقة يعظمون موتاهم بأن يسجدوا لهم على قبورهم، والمسجد هنا بمعنى
محل السجود وليس بمعنى الجامع فلم تكن عندئذ تسمى مساجد بل كانت صوامع وبيع وصلوات، وعلى الطرف الآخر فإن هذا الخوف يؤدى إلى
فتنة
التكذيب بما جاء به الله ورسوله، والله سبحانه يقول: ﴿ويل للمكذبين﴾، فلنحذر هذه الفتنة وقانها الله وإياكم.
واللهم ذكرنا ما نسينا
وعلمنا ما جهلنا وانفعنا بما علمتنا... آمين. |