تقبيل القدم أو تقبيل اليد أو تقبيل الرأس كلها إن كانت من قبيل القربة إلى الله
لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز أما إذا كانت على وجه التعظيم والتكبر فهى
مكروهة وذلك على مذهب الإمام مالك. ولم نسمع عن تقبيل باطن القدم بالذات.
مما
ورد فى صحيح السنة عن تقبيل اليد أو القدم:
أخرج
البخارى فى الأدب عن عبد الرحمن بن رزين قال: مررنا بالربذة فقيل لنا: هاهنا سلمة
بن الأكوع
،
فأتينا فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال: بايعت بهاتين نبى الله
،
فأخرج له كفا ضخمة كأنها كف بعير، فقمنا إليها فقبلناها ... وأخرج ابن سعد عن عبد
الرحمن بن زيد العراقى نحوه.
وأخرج البخارى فى الأدب عن ابن جدعان قال ثابت لأنس
: أمسست النبى
بيدك؟ قال: نعم، فقبلها.
وأخرج البخارى فى الأدب أيضا عن صهيب قال: رأيت عليا
يقبل يد العباس
ورجليه.
وعن
يحيى بن الحارث الذمارى قال: لقيت وائلة بن الأسقع
فقلت: بايعت بيدك هذه رسول الله
؟
فقال: نعم، قلت: أعطنى يدك أقبلها، فأعطانيها فقبلتها.
رواه الهيثمى.
وعن
ثابت
قال: كنت إذا أتيت أنسا يخبر بمكانى فأدخل عليه وآخذ يديه وأقبلهما وأقول: بأبى
هاتين اليدين اللتين مستا رسول الله
وأقبل عينيه وأقول: بأبى هاتين العينين اللتين رأتا رسول الله
)
ذكره الحافظ بن حجر
وقاله الهيثمى ورواه أبويعلى.
وأورد أبى بكر المقرى فى كتاب (الرخصة فى تقبيل اليد) ... كان سيدنا عمر بن الخطاب
لا يدع يد أنس حتى يقبلها ويقول يد مست يد رسول الله
. وكان
أبو عبيدة إذا لقى عمر بن الخطاب
لا يدعه حتى يقبل يده. وقبل
معاذ بن جبل يد سيدنا عبد الله بن عباس وقال: هكذا أمرنا رسول الله أن نفعل مع أهل
بيته.
وعن
عَبْدِ الله بنِ سلَمَةَ عن صَفْوَانَ بنِ عَسّالٍ قالَ: قالَ يَهُودِيٌ
لِصَاحِبِهِ: اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا النّبى. فَقَالَ صَاحِبُهُ: لاَ تَقُلْ
نَبى إِنّهُ لَوْ سَمِعَكَ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَعْيُنٍ. فَأَتَيَا رَسُولَ الله
فَسَأَلاَهُ عن تِسْعِ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ، فَقَالَ لَهُمْ: (لاَ تُشْرِكُوا بِالله
شَيْئاً، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا النّفْسَ الّتِي
حَرّمَ الله إِلاّ بِالحَقّ، وَلاَ تَمْشُوا بِبَرِىءٍ إِلَى ذِى سُلْطَانٍ
لِيَقْتُلَهُ، وَلاَ تَسْحَرُوا، وَلاَ تَأْكُلُوا الرّبَا، وَلاَ تَقْذِفُوا
مُحْصَنَةً، وَلاَ تُوَلّوا الفِرَارَ يَوْمَ الزّحْفِ وَعَلَيْكُمْ خَاصّةً
اليَهُودَ أَلاّ تَعْتَدُوا في السّبْتِ). قَالَ فَقَبّلُوا يَدَيْهِ،
وَرِجْلِيْهِ، فَقَالا: نَشْهَدُ أَنّكَ نَبىٌ. قالَ: (فَمَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ
تَتّبِعُونِى؟) قالَ: قالُوا: إِنّ دَاوُدَ دَعَا رَبّهُ أَنْ لاَ يَزَالَ مِنْ
ذُرّيّتِهِ نَبىٌ، وَإِنّا نَخَافُ إِنْ تَبِعْنَاكَ يَقْتُلُنَا اليَهُودُ.
عن يَزِيدَ بنِ
الاسْوَدِ وَابنِ عُمَرَ وَكَعْبِ بنِ مَالِكٍ.
وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وقال الترمذى حسن صحيح.
قوله: (كان له أربعة أعين) يعنى: يسر بقولك هذا النبى سروراً يمد الباصرة فيزداد به
نوراً على نور كذى عينين أصبح يبصر بأربع فإن الفرح يمد الباصرة، والحديث يدل على
جواز تقبيل اليد والرجل.
وروى
عن ابن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فروا قالوا: نحن الفرارون. فقال: بل أنتم
الكرارون إنا فئة المؤمنين. قال: فقبلنا يده.
أخرجه البخارى في
الأدب المفرد وأبو داود.
وذكر
ابن حجر العسقلانى فى شرح صحيح البخارى: وقبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد
النبى
حين تاب الله عليه.
ذكره الأبهرى. وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، فعن تميم بن سلمة
قال: قدم عمر الشام واستقبله أبو عبيدة ابن الجراح فصافحه وقبل يده، ثم خلوا
يبكيان، فكان تميم يقول تقبيل اليد سنة. وقبل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن
عباس بركابه. قال
الأبهرى وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التعظيم والتكبر وأما إذا كانت على وجه
القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز.
وذكر المباركفورى:
أن الحافظ أبو بكر بن المقرى جمع جزءاً فى تقبيل اليد أورد فيه أحاديث كثيرة
وآثاراً فمن جيدها حديث
الزارع العبدى وكان فى وفد عبد القيس، قال: فجعلنا نتبادر من
رواحلنا فنقبل يد النبى
ورجله.
أخرجه أبو داود. ومن حديث فريدة العصر مثله، ومن حديث أسامة بن شريك قال:
قمنا إلى النبي
فقبلنا يده.
وسنده قوى، ومن حديث جابر: أن عمر قام إلى النبى
فقبل يده.
قال
النووى: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو عمله أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من
الأمور الدينية لا يكره بل يستحب، فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا
فمكروه شديد الكراهة، وقال أبو سعيد المتولى لا يجوز كذا فى الفتح.
وأخرج الحاكم، ان رجلاً أتى النبى
،
فقال: يا رسول الله، أرنى شيئاً أزداد به يقيناً، فقال: (أذهب إلى تلك الشجرة
فادعها) فذهب إليها، فقال: إن رسول الله
يدعوك. فجاءت حتى سلمت على النبى
،
فقال لها: (ارجعى)، فرجعت. قال: ثم أذن له، فقبّل رأسه، ورجليه ... الحديث. |