الأخ الفاضل الفقير إلى الله وإن شأ الله الغنى به:
ما
ذكرت من اختلاف بعض أهل الطرق فهو ليس حجة على الطرق، مثلما أن فساد بعض المسلمين
وتطرفهم ليس حجة على الإسلام بحنيفيته السمحة، وكما قال الرسول الكريم
:
(إن الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه).
وبالتالى فما ذكرته لا يقره أحد سواء من أهل الطرق جميعا أو مشايخها أو أصحابها
الذين أنشأوها، بل إن الخلاف الفظ هو خروج على الجماعة وهو مرفوض على جميع المذاهب.
وقد قال الإمام فخر الدين:
وغاية
القصد حسن القصد لا عوج |
|
ووحدة
الصف عندى عمدة الدين |
أما ما ذكرت عن كون البعض يصلح لطريق أو لا يصلح لطريق آخر، فهذا لا نعلمه وإن كان
هناك ما يعرف من أقوال الصوفية مثل: (عملنا هذا لا يصلح لمن يطلبه)، ولكن هذا يعنى
حب الرياسة وطلب الإمامة وليس طلب الطريق نفسه.
وعلى الجانب الآخر فليس كل الناس مخلوق للتصوف، فالتصوف نوع من صفاء النفس لا يأتى
إلا بالمجاهدة والذكر والأوراد، و(كل ميسر لما خلق له).
والمختصر المفيد أن التصوف لا يرفض الناس، ولكن الناس هم الذين قد لا يطيقونه،
والطرق الصوفية كلها ملتمسة من رسول الله
،
وكلها طرق إلى الله وكما قال الرسول الكريم
:
(أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم وإن فى اختلافهم لرحمة)، والمعنى أن التعدد
إنما أوجده الله ليقابل به طبيعة البشر فمن لا يستطيع القيام بواجبات طريقة قد يكون
قادرا على القيام بواجبات الأخرى فلا يتخطاه الفضل، ولكنهم جميعهم سبل وطرق إلى
الله وهم جميعا متفقون فى الجوهر وإن اختلفوا فى بعض المظاهر أو الوسائل.
وبالتالى فلا نزكى طريقة على الأخرى، لكن المريد هو الذى يطلبها وهو الذى قد لا
يستطيع أن يتجاوب مع إحداها عن الأخرى طبقا لاستعداده أو مدى قدرته على التفاهم مع
أهلها وأحيانا مدى قدرتهم على أفهامه أو الوصول إلى قلبه.
الخلاصة أيها الصديق نحن لا نرى سببا يمنعك أو أى أحد من اتِّباع أى طريقة صوفية
إلا ربما الاستعداد الشخصى. وبالنسبة لنا فلا يملك أى منا أن يمنع أى شخص من الطريق
حيث أن من يفعل ذلك يتعرض لمخاطرة شديدة ... من حيث أن طالب الطريق هو شخص متجه إلى
الله راجع إليه ومنيب إليه، وهب أنك منعته فمات دون أن يبلغ ما طلبه ... فمن يتحمل
هذه المسؤلية ومن يحمل عنه إنابته إلى الله ويعوضه عنها وكيف؟
وهذا هو ما حذرنا منه شيخنا الإمام فخر الدين ...
نرجو أن نكون قد أصبنا ما تسأل عنه. |