سلام الله تعالى عليكم ورحمته وبركاته
يظهر من كلامك أيها الاخ الكريم انك فى حيرة فى امرك حتى بعد ان اخذت العهد، ولا
تعرف الصحيح من الخطاء وهذا شئ عادى لمن فى اول الطريق، كثير منا كانت له بعض
التساؤلات فى البدء، والشك من أسلحة الشيطان.
وأما القول بأن الطريقة لم تكن على عهد الرسول
وأنها حرام بمعانيها، فما هى معانيها الحرام: ذكر الله أم الصلاة على النبى
أم حب أهل البيت، أليس هذا هو كل مضمون الطريق؟ فأى هذه المعانى حرام !!! أم أنها
الحضرة؟ فما هى الحضرة؟
ذكر الله ... ويطرب به ذاكروه فيتمايلوا ... ومدح وانشاد فى حب الله ورسوله وآل
بيته.
فأى هذا حرام !!!
ثم ماذا نعنى بأنها لم تكن على عهد النبى
؟
هل نقصد أنها بدعة، فما أكثر ما ظهر من الدين بعده
من سنن حسنة مناسبة لوقتها، ولو قلنا أن ما لم يحدث فى زمن النبى
يعتبر بدعة فإنها الطامة الكبرى، لماذا؟ لأن:
· المصحف
تم جمعه فى زمن سيدنا عثمان ولم يكن على زمن المصطفى
... فهل هو بدعة؟
· الحديث
تم جمعه فى زمن سيدنا عمر بن عبد العزيز ولم يكن على زمن المصطفى
... فهل هو بدعة؟
·
المنابر تم عملها وتنوعها فى عهد سيدنا على ولم تكن على زمن المصطفى
... فهل هى بدعة؟
· تم
إقامة صلاة التراويح الجماعة بعدد الركعات المعروف الآن فى عهد سيدنا عمر ولم تكن
على زمن المصطفى
... فهل هى بدعة؟
وغير ذلك الكثير والكثير ... فلا يصح القول بأن مالم يحدث فى زمن النبى
يعتبر بدعة وإلا هدمنا الدين من أساسه، وخالفنا الرسول الكريم
حيث يقول: (من سن فى الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير
أن ينقص من أجورهم شيئ ومن سن فى الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها
من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيئ) أخرجه
ابن أبى شيبة ومسلم والنسائى وابن ماجة وابن مردويه.
إذن فما هى البدعة؟
تعريف البدعة فى الفقه أنها: إطلاق ما قيده الله أو تقييد ما أطلقه الله.
أن تطلق ما قيده الله ورسوله: ومثال ذلك أن الصلاة مقيدة بعدد ركعات فى كل وقت فلو
زدتها أو أنقصتها عامدا فهذا عين البدعة.
أو أن تقيد ما أطلقه الله ورسوله: ومثال ذلك ذكر الله فقد أطلقه الحق سبحانه ولم
ترد أى آية فى كتاب الله أو حديث عن رسوله الكريم
يقيد الذكر بطريقة معينة أو وقت معين، وبالتالى فلو قيدناه وقلنا لا يصلح إلى فى
وضع معين، أو أن الذكر بطريقة ما لا يصح، فهذا هو عين البدعة.
ويمكن أن نرى ذلك فى أكثر من موطن فى كتابه العزيز حيث قال:
﴿فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم﴾، ﴿الذين يذكرون الله
قياما وقعودا وعلى جنوبهم﴾، ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة﴾.
وتأمل قوله
:
( أيها الناس اذكروا الله على كل حال) الديلمى والمناوى فى كنوز الحقائق.
وجاء فى كتاب الأذكار للنووى عن أبى سعيد الخدرى
:
أن رسول الله
سئل أى العبادة أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال: (الذاكرون الله كثيرا). قلت:
يارسول الله ومن الغازى فى سبيل الله عز وجل؟ قال: (لو ضرب بسيفه فى الكفار
والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه).
وجاء فى كتاب الأذكار للامام النووى عن أبى الدرداء قال: قال
:
(ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها فى درجاتكم وخير لكم من إنفاق
الذهب والورق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم؟) قالوا: بلى. قال: (ذكر
الله تعالى)
رواه
بن ماجه والحاكم على شرط الصحيحين.
وقال
:
(اذكروا الله ذكرا حتى يقول المنافقون انكم تراؤن)
أخرجه
الإمام أحمد.
وأخرج السيوطى فى الخصائص والسهروردى فى كتابه عوارف المعارف الباب الخامس والعشرون
فى القول والسماع مانصه:
عن أنس بن مالك
قال: كنا عند رسول الله
اذ نزل عليه جبريل عليه السلام فقال: يارسول الله إن فقراء أمتك يدخلون الجنة قبل
الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام. ففرح رسـول الله
فقال: (هل فيكم من ينشدنا؟) فقال بدوى:
نعم يا رسول الله. فقال رسول الله
:
(هات)، فأنشأ الأعرابى:
لقد لسعت حية الهوى كبدى |
|
فلا طــبيب لها ولا راقى |
إلا الحبيب الذى شـغفت به |
|
فعنده رقـيتى وتريــاقى |
فتواجد رسول الله
وتواجد الأصحاب معه حتى سقط رداؤه عن منكبه، فلما فرغوا آوى كل واحد منهم الى
مكانه. فقال معاوية بن أبى سفيان: ما أحسن لعبكم يارسول الله. فقال
:
(مه يامعاوية ليس بكريم من لم يهتز عند سماع ذكر الحبيب)، ثم قسم رداءه
على من حاضرهم بأربعمائة قطعة. ومعنى التواجد أى الاهتزاز من الشجن. وسقوط ردائه
دلالة على شدة الإهتزاز، ومعنى ذلك أن رسول الله قد طرب هو وأصحابه واهتز لذكر
الله اهتزازا شديدا.
والمعنى هنا أنه لا قيد على ذكر الله والاهتزاز له وبه.
وبعد كل هذه الأسانيد نجد من يمنع الذكر ويحرمه فمن أين أتى بنص لهذا المنع
والتحريم !!
وكما هو معروف أيضا فى الفقه: أن الأصل فى الأمور الإباحة ما لم تحرم بنص، فمن يريد
تحريم شيئا أحله الله دون نص يكون مبتدعا فى دين الله والعياذ بالله وكما قال
سبحانه وتعالى ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَن يُذْكَرَ
فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِى خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن
يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِى الدُّنْيَا خِزْى وَلَهُمْ فِى الآخِرَةِ
عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾
واعلم يا أخى أن الحضرة لم تنتشر على عهد الحبيب المصطفى
لأن الوقت كان وقت انتشار الدعوة وفتح الأمصار، ومع ذلك فلم تخل المساجد من
الذاكرين بل إنهم كانوا يتمايلون ويهتزون عند الذكر، وانظر معى إلى هذا الحديث:
أخرج الإمام أحمد فى الزهد وابن أبى الدنيا والحافظ أبو نعيم فى الحلية وابن عساكر
عن أبى أراكة قال: صليت خلف الإمام على بن أبى طالب صلاة الصبح فلما سلم جلس وعليه
كآبة فمكث حتى طلعت الشمس قدر رمح فصلى ركعتين فلما انفتل عن يمينه قلب يده وقال:
والله رأيت أصحاب محمد
وما أرى اليوم شيئا يشبههم كانوا يصبحون شعثا غبرا قد باتوا لله سجدا وقياما يتلون
كتاب الله يراوحون بين أقدامهم وجباههم وكانوا إذا ذكروا الله مادوا كما يميد الشجر
فى يوم الريح وهملت أعينهم حتى تبتل ثيابهم.
ومعنى مادوا: أى اهتزوا وتمايلوا كما تتمايل الأشجار فى اليوم الريح.
وأما سؤالك عن الحديث الشريف (عن أبى طلحة
أن رسول الله
قال ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)
رواه
البخارى - متفق عليه.
فاعلم أنه من المعروف أن الصور الفوتوغرافية لم تكن موجودة على عهده
والمقصود بالصور هنا التماثيل لأنهم كانوا يصورون الآدميين بالنحت على الحجارة لذلك
تضمن الحديث الكلب والصورة فكلاهما يمنعان الملائكة وليست الصور الفوتوجرافية
الموجودة حاليا.
(وإلا كانت جميع الصور بإطلاقها مثل صور الشيخ متولى الشعراوى وصور الشيخ عبد
الحليم محمود على الكتب الأزهرية وأى صور ليس بالضرورة صور إنسان أو جماد أو حيوان
كل هذه جميعها حرام!!!)
وأما من يفتى بأن هذا حلال أو حرام دون أن يعرف الأحكام فمثله ما أخبر عنه الحبيب
فى
حديثه الشريف عن ذهاب العلم: (إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من
العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤساء
جهالا؛ فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا) -أحمد
في مسنده ومتفق عليه [البخاري ومسلم] والترمذي وابن ماجة-
فاللهم لا تجعلنا من الذين يفتون بغير علم.
وبعد فيا أخى إحذر هدانا الله وإياك إلى ما فيه الصلاح والفلاح، إحذر من مجالسة
المنكرين، فأنت تعطيهم من علمك وهم يسقونك من جهلهم، وكما يقول الشيخ
:
أمسك عليك فلا تصاحب منكرا |
|
إن التعاسة فى اصطحاب المنكرين |
احفظ لسـانك لا تبـادل جاهلا |
|
علما بجهـل واعرضن عن جاهلين |
|