أغلق      
         

 
       
                               

 

 

  المعرض    

 

 

معرض 3

من بين ثناياه  ::  إشارات الحبيب  ::  هذا المقام  ::  خوف المعرفة  ::  من هذه وهذه 

بين أعين الملائكة  ::  فض التعاقد  ::  محض الفضل  ::  أهل العناية  ::  لكل قوم قدوة

 

هذا المقام

 

 

  فى سر تسميته بالحبيب وبيان الحركة الحبية التى هى محتد اسمه ليعرفه البعيد والقريب ... واعلم أن الحب على الإطلاق له تسع مراتب فى الخلق ومرتبتان فى الحق ... فالمرتبة الأولى فى الحق تسمى الحب باسمه مالم تكن حركة لظهور أثرها، فإذا حصلت تلك الحركة سمى الحب إرادة، فالحب الحقيقى والإرادة الحقيقية لله تعالى.

ومراتب الحب فى الخلق أولها الميل وهو انجذاب القلب إلى المطلوب، فإذا زاد سمى رغبة، فإذا زاد سمى طلبا، فإذا زاد سمى ولها، فإذا اشتد ودام سمى صبابة، فإذا قوى واسترسل بالقلب فى المعنى المراد سمى هوى، فإذا استولى حكمه على الجسد بحيث يفنى المحب عن نفسه سمى شغفا، فإذا نما وظهرت علاماته بحيث أن يفنى المحب عن نفسه وعن فنائه سمى غراما، فإذا استحكم وطفح وظهر وتمكن تمكنا أفنى المحب عن نفسه وعن حبيبه أيضا بحيث يبقى الأمر شيئا واحدا وهو الحب المطلق سمى عشقا. وهذا آخر مقامات الخلق فيه فيصير المحب فى هذا المقام حبيبا والحبيب محبا، فيتلون كل منهما بصورة الآخر, وذلك أن العاشق قد تمكنت روحه بصورة المعشوق، فتعلقت بتلك الصورة الروحانية تعلق التمازج كما يتعلق الزاج بالعفص، فيستحيل الفك والمفارقة والانفصال بينهما كما قيل:

رق الزجاج ورقت الخمر
فكـأنما خمـر ولا قدح

 

فتشابها فتشاكل الأمـر
وكـأنما قدح ولاخمـر

فهذه المراتب التسعة هى للخلق حقيقة، وأما الحب والإرادة، فهما لله تعالى حقيقة، قال الله تعالى ﴿فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه وقال تعالى فى الحديث القدسى (لايزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) فالحق سبحانه وتعالى يحب ويريد، فالحب والإرادة من شئون الله تبارك وتعالى.

وللحب مرتبة أخرى تظهر فى الحق والخلق، ولهذا تسمى المرتبة الجامعة وهى مرتبة الود فإن الله يسمى الودود، فهو يود من يشاء من خلقه، والخلق يودونه.

من كتاب تبرئة الذمة فى نصح الأمة للعارف بالله الإمام فخر الدين الشيخ محمد عثمان عبده البرهانى .