أغلق      
         

 
       
                               

 

 

 

المجـلة

المجلة البرهانية

 

 

 

3

كلمة العدد  ::  حكمة العدد  ::  وقفات  ::  الدين النصيحة  ::  خدعوك فقالوا

تعم المشرقين  ::  صحابة أحمد  ::  ركن المرأة  ::  ركن الشباب  ::  ركن الطفل 

 

ركن الشباب

 

الاعتياد

  اعتاد الناس عند اللقاء إلى إلقاء كلمات الترحيب وخصوصا أهلا وسهلا ومن هنا نتحدث عن الاعتياد نفسه فالإنسان منذ ولادته إلى مفارقته للدنيا يغلب عليه حب العادات، التى يعتاد عليها، فإذا طال زمن اعتياده تصير هذه العادات هى الحاكمة عليه ولا يستطيع مفارقتها إلا بالإكراه.

فبعد ولادته مثلا يحب الرضاع ولا يفارقه إلا بالفطام، وتكون المفارقة فى غاية الصعوبة وكذلك يألف أهله وداره وبلدته ولا يفارق شيئا منها إلا كارها كذلك صنعته وفنه ولغته ودينه الذى نشأ عليه فمن هنا كانت خطورة الاعتياد. فالاعتياد على عمل الخير ومحاسبة النفس من زمن الشباب يؤدى إلى التقوى ويهذب النقس ويهون الأمر فى الشيبة.

عن السيدة عائشة أنها قالت: سئل النبى : أى الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (أدومها وإن قل). وقال: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون). [(اكلفوا) ألزموا أنفسكم وكلفوها. (ما تطيقون) ما تستطيعون فعله دائماً ولا تنقطعون عنه].

قال الغزالي: خير الأمور أدومها وإن قلّ ومثال القليل الدائم كقطرات من الماء تتقاطر على الأرض على التوالى فهى تحدث فيها خضراً لا محالة ولو وقعت على حجر، والكثير المتفرق كماء صب دفعة واحدة لا يتبين له أثر.

ومن هنا كانت أحاديث فضل الطاعة فى زمن الشباب.

قال :(ما من شاب يدع لذة الدنيا ولهوها ويستقبل بشبابه طاعة الله إلا أعطاه الله أجر تسعة وتسعين صديقا)- عن أبى أمامة. وفى رواية أخرى: (ما من شاب يدع لذة الدنيا ولهوها ويستقبل بشبابه طاعة الله إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقا، ثم يقول الله: أيها الشاب التارك شهوته فى المبتذل شبابه! أنت عندى كبعض ملائكتي( - عن الحسن بن سفيان.

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النبى قَالَ: (سَبْعَةٌ يُظِلّهُمُ اللّهُ فِى ظِلّهِ يَوْمَ لاَ ظِلّ إِلاّ ظِلّهُ: الإِمَامُ الْعَادِلُ. وَشَابّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللّهِ. وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلّقٌ فِى الْمَسَاجِدِ. وَرَجُلاَنِ تَحَابّا فِى اللهِ، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرّقَا عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إِنّى أَخَافُ اللهَ. وَرَجُلٌ تَصَدّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتّىَ لاَ تَعْلَمُ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ. وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللهَ خَالِياً، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ).

وحدّثنا عَبْدُ الله بنُ عَبْدِ الرَحْمَنِ، أنْ النبى قَالَ: (الْكَيّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمنّى عَلَى الله). قال: وَمَعْنَى قوله: مَنْ دَانَ نَفْسَهُ يَقُولُ حَاسَبَ نَفْسَهُ فى الدّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَيُرْوَى عنْ الإمام عُمَرَ بنِ الْخَطّابِ قَالَ: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ وَإِنّمَا يَخِفّ الْحَسَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فى الدّنْيَا. وَيُرْوَى عنْ مَيْمُونِ بنِ مِهْرَانَ قَالَ: لاَ يَكُونُ العَبْدُ تَقِيّاً حَتّى يُحَاسِبَ نَفْسَهُ كَمَا يُحَاسِبُ شَرِيكَهُ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ وَمَلْبَسُهُ.

عَنْ مُجَاهِدٍ عنْ ابنِ عُمرَ أن رَسُولُ الله قَالَ (فى حديث طويل): "َخُذْ مِنْ صِحّتِكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ"

كتب سلمان إلى أبى العود "أما بعد فاغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطيع أحد من الناس رده".

وقد أعطانا الله عقلا نميز به بين الحسن والقبيح ونخالف به أهواءنا وأنفسنا فما نراه قبيحا نرفضه وما نراه حسنا فنزبده تحقيقا وتدقيقا ونتوسع فى علم أخباره وأحواله وكيفية إظهاره ونداوم عليه لعله أن يكون لنا عادة واعتياداً.