تأمل معنا أيها الأخ الفاضل ...
أولا:
القاعدة الأساسية فى التحريم
هى أن الأصل فى الأمور الإباحة ما لم تحرم بنص، والمعنى أن كل أمور المسلمين حلال
ولا تحريم لأى أمر منها إلا بنص صريح من كتاب أو سنة.
إلا أن بعض الناس دأبوا على القول بتحرم أمور المسلمين أو تكفيرهم دون علم أو دراية
أو كتاب مبين - ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فاحذر أخى أن تستدرج إلى هذا.
وهذه هى البدعة بعينها، إذ أن تعريف البدعة هو (إطلاق ما قيده الله أو تقييد ما
أطلقه الله).
ثانيا: لفظ الجلالة (الله) ليست فيه ألف أصلية وإنما الألف هنا للتشكيل أى
أنها حركة على اللام مثلها مثل الفتحة ويمكن أن تمد ويمكن أن تقصر.
فحروف الاسم الله هى (ألف – لام – لام – هاء) ولذلك فأرقامها (1 – 30 – 30 – 5)
ومجموعها (66) وهذا هو مفتاح العدد فى الذكر بالاسم الله ... ولا نريد أن نطيل فى
هذا فهو علم معروف عند الصوفية.
الحلاصة أنه لا ألف فى الاسم (الله) وبالتالى فعدم نطقها لا يبطل الذكر.
ثالثا: ذكر الله بلفظ الجلالة (الله) له لهجات متعددة.
فاللهجات السبع التى ورد بها القرآن كلها سليمه وبأيها قرأت أجرت وهديت، ولا تعارض
لقراءتك بأى منها مع الأخرى، وحتى التتعتع فى القراءة مأجور.
أفلا تظن أن الله يقبل من كل عبد على قدر نطقه !!!
رابعا: هناك أيضا كيفيات للذكر بالاسم (الله) مثل:
· الذكر
بالاسم (الله) كاملا فتقول (الله الله الله ...) وهو المعروف والمشهور.
· وهناك
الذكر بالاسم مختصرا (أه أه أه ...) أو (آه آه آه ...) وهو ما قال فيه سبحانه عن
سيدنا إبراهيم: ﴿إن إبراهيم لأواه حليم﴾ وقد فسرها بعض المفسرين - وقال به ساداتنا
الصوفية - بأنه الكثير الذكر لله تعالى قاله عقبة بن عامر وذكر عند النبى
رجل يكثر ذكر الله ويسبح فقال: (إنه لأواه).
وقال أبو ذر: كان رجل يكثر الطواف بالبيت ويقول فى دعائه: أوه أوه؛ فشكاه أبو ذر
إلى النبى
فقال: (دعه فإنه أواه) فخرجت ذات ليلة فإذا النبى
يدفن ذلك الرجل ليلا ومعه المصباح.
وقال أنس: تكلمت امرأة عند النبى
بشيئ كرهه فنهاها عمر فقال النبى
:
(دعوها فإنها أواهة) قيل: يا رسول الله، وما الأواهة؟ قال: (الخاشعة).
أخرج البيهقى عن زيد بن أسلم قال ابن الأدرع انطلقت مع النبى
ليلة، فمر برجل فى المسجد يرفع صوته، قلت: يا رسول الله عسى أن يكون هذا مرائيا ؟
قال: (لا، ولكنه أواه).
وأخرج البيهقى عن جابر بن عبد الله أن رجلا كان يرفع صوته بالذكر فقال رجل: لو أن
هذا خفض من صوته، فقال رسول الله
:
(دعه فانه أواه).
وأخرج البيهقى عن عتبة بن عامر: أن رسول الله
قال لرجل يقال له ذو البجادين (انه أواه)، وذلك انه كان يذكر الله.
· وهذا
الذكر المختصر يقول فيه ساداتنا الصوفية أيضا أنه ذكر المرضى وأصحاب الشكاية:
وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا: آه من كذا. وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء
فقالوا: أوه من كذا. وربما حذفوا مع التشديد الهاء فقالوا: أو من كذا بلا مد.
وبعضهم يقول: آوه بالمد والتشديد وفتح الواو ساكنة الهاء لتطويل الصوت بالشكاية.
وقد أوه الرجل تأويها وتأوه تأوها إذا قال أوه، والاسم منه الآهة بالمد.
· وهناك
الذكر بالاسم مختصرا بالهاء المضمومة (هو) ويعرفه جميع الصوفية.
خامسا: ذكر الله بلفظ الجلالة (الله) له مراحل أولها الذكر باللسان ثم ينتقل الذكر
إلى القلب ثم يلى ذلك مراحل متعددة. وقد لخص الله سبحانه وتعالى ذلك فى قوله
سبحانه: ﴿فاذكرونى أذكركم واشكروا لى ولا تكفرون﴾. ويرى ساداتنا الصوفية رضوان الله
تعالى عليهم أجمعين: أن ﴿فاذكرونى﴾ بداية. ﴿واشكرولى﴾ نهاية.
إذ
يرون أن:
· بداية
الذكر هو ذكر اللسان المعروف بذكر الغفلة.
· ثم
ذكر القلب المعروف بذكر الحضور.
· وبعده
ذكر الروح.
· وبعده
الاصطلام: وهو الذكر بالجسد كله.
· ثم
ذكر الذكر: وهو الجزاء على الذكر.
· وبعده
الحمد.
· فحمد
الحمد: وهو أن يحمد صاحب هذه المرتبة الله تعالى فى موطن الحمد بموجبات الحمد على
مسلتزمات الحمد وذلك بعد أن يجد الفيوضات الإلهية والتجليات الأقدسية فيحمد ربنا جل
وعلا على ما منَّ عليه ويستمر فى ذلك زمناً.
· فإن
استقام على هذا فتح له باب الشكر: وهو المعروف بالشكر الصغير أو شكر المزيد الظاهر
فى قوله تعالى
﴿لئن
شكرتم لأزيدنكم﴾.
· وما
بعد هذا إلا الترقى إلى شكر الشكر: وهو التخلق بأسماء الله تعالى والظاهر فى قوله
جل وعلا
﴿اعملوا
آل داوود شكرا وقليل من عبادى الشكور﴾
وهذه المرتبة لانهاية لها وصاحبها فى ترق مستمر. وعليه يقع قول الله تبارك وتعالى:
﴿وللآخرة
خير لك من الأولى. ولسوف يعطيك ربك فترضى﴾
أى أن أية مرتبة تبلغها والمعبر عنها بالآخرة خير لك من سابقتها الأولى.
فذكر اللسان الذى نتحدث فيه يتبعه ذكر القلب، وذكر القلب تسمعه واضحا بأذنك ويكون
بنفس الكيفية التى يذكر بها البرهانية وكثير غيرهم من الصوفية.
ويذكر المريدين بهذه الكيفية ليكونوا أقرب إلى ذكر القلب والذى إذا وصلت له فلا
ينقطع بأى عمل تعمله وهو ما يقول فيه سبحانه: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر
الله﴾ فهم يذكرون الله حال بيعهم وتجارتهم ولا ينقطعون عن ذكره أبدا.
ويقول ساداتنا الصوفية أن لحظة من ذكر القلب تعدل مثاقيل الجبال من ذكر اللسان.
أخى الفاضل الكريم نستسمحك فى إطالتنا عليك فهذا هو مبلغ علمنا فى كيفية توصيل
المعلومة لأخ كريم ... ونسألك الفاتحة بالسماح والدعاء بالخير لنا ولكم ولسائر
المسلمين.
ونرحب بكم دائما مستفسرا ومعلقا ومقترحا ... |